Friday, June 15, 2007

الهيئة: الفرق بين جهاز الدولة والجهاز الحزبي.

لماذا يشعر جهاز هيئة الأمر بالمعروف والمنتسبين إليه بأنهم على صدام دائم مع المجتمع خلاف بقية أجهزة الدولة الأخرى بما فيها الأجهزة الأمنية كالشرطة والمباحث والمخدرات والسجون التي تتطلب مهامها التحري والمداهمة والمطاردة والقبض والقسر والتعقب والمعاقبة ورغم ذلك فهي ليست على صدام أو تنافر مع المجتمع كما هو حال الهيئة ومنسوبيها ؟إن العلاقة بين أفراد المجتمع والسلطة ممثلة بالدولة وأجهزتها تقوم أساسا على النفع والفائدة والحماية وتجنب الضرر وفق قوانين تنظم علاقة الأفراد ببعضهم وعلاقتهم بالدولة التي يقع على عاتقها تطبيق القوانين وتحقيق المصالح وصيانة الحقوق حماية للمجتمع من العودة إلى الهمجية والفوضى।في الأحاديث الصحفية يطالب مسؤلي الهيئة ورئيسها العام بعلاقة ودية مع الناس ومع الصحافة,ولعل في إستعراض جملة من المواقف والممارسات التي تلازم سلوك الهيئة ومسئوليها والمنتسبين لها والنظر في مدى توافقها مع أسس العلاقة بين أفراد المجتمع والدولة وأجهزتها، ما قد يساعد هؤلاء المسؤلين في فهم وتفسير حالة العداء والصدام بين الهيئة والمجتمع।1- المسارعة إلى التبرير:عند وقوع تجاوز أو خطأ من أحد العاملين في أي جهاز حكومي فإن المجتمع لا ينتظر من القائمين على الجهاز والمسئولين عنه الخروج إلى الناس لتبرير الخطأ والدفاع عن المتجاوزين وإنما ينتظر من المسؤول طمأتة الناس إلى أن شكواهم محل إهتمامه ويعدهم بالتحري والتحقيق ومحاسبة المقصرين والمتجاوزين.هنا يكون المسؤل الحكومي رجل دولة في صف المجتمع وهو بهذا يكسب ثقته وهي ثقة تنسحب على جهاز الدولة الذي يرأسه.هذا أمر لا يفعله مسؤولوا الهيئة الذي إعتادوا المسارعة إلى التبرير بل والهجوم على المتضررين والمنتقدين، وهو منطق لا يجعل المجتمع يطمئن إليهم أو يثق في إجراءاتهم في المحاسبة حتى وإن حصلت.2- المغالطة في التبرير:درجت الهيئة والقائمين عليها والمتعاطفين معها في محاولتهم تبرير وتفسسير تجاوزات رجال الهيئة على القول أنها أخطاء نادرة وحالات فردية.وهذه مغالطة جليةفتجاوزات منسوبي الهيئة وأخطائهم هي من التكرار والكثرة العددية والتمدد الجغرافي والإمتداد الزمني بحيث يصح أن نطلق عليها صفة الظاهرة التي تصبغ عمل الهيئة بصبغتها وتسم العاملين فيها بسمتها.كل هذا التذمر الإجتماعي والضجيج الإعلامي والسمعة السيئة التي تجاوزت المحلية عن " الشرطة الدينية " من العبث محاولة تبريرها أو تمريرها على أنها نتاج تجاوزات لإجتهادات فردية حسنة النية.3- المغالطة في القياس:إعتاد مسئولي الهيئة في محاولتهم للتهوين من تجاوزات منسوبيها القول بأن الأخطاء والتجاوزات تحدث من العاملين في كافة الأجهزة الحكومية في التعليم والصحة والبلديات وغيرها، وأن منسوبي الهيئة بشر ومن الطبيعي أن يحدث منهم الخطأ، فلماذا تضخيم أخطاء الهيئة دون غيرها ؟هذا المنطق يحمل في طياته مغالطة مزدوجة.أولها في نوعية التجاوزات وبعدها الإجتماعي.فتجاوزات الأجهزة الحكومية الأخرى تتعلق في معظمها بسلامة الإجراءات ومصالح الناس ولكنها لا تمس كرامتهم وإنسانيتهم وسمعتهم وقيمتهم الإجتماعية، ولا تنسحب على حياتهم العائلية أو زوجاتهم وبناتهم، ولا تكشف مستورهم أو تعرضهم للشبهات وسوء السمعة ولوك الألسن، وهذا خلاف ما يحدث عند حدوث التجاوز من رجال الهيئة.وثانيها في موقف المسئولين عن الأجهزة الحكومية عند حدوث التجاوز.فالأجهزة الحكومية الأخرى لا تتبنى تجاوزات منسوبيها ولا تبررها ولا تدافع عنهم.لم نعهد أن خرج علينا وزير الصحة ليهون أو يبرر الأخطاء الطبية على كثرتها وخطورتها، ولم يخرج وزير التربية ليبرر ضرب طالب ، ولم يخرج مسؤول أمني ليتهم من ينشر أو يكتب عن تجاوزات رجل مرور أو رجل أمن بأنهم من أصحاب السوابق الأمنية أو ممن يريدون أن تشيع الجريمة في المجتمع أو أنهم طابور خامس ومأجورين يسعون للإنفلات الأمني وخراب البلد.لعل البعض يتذكر عندما تحدث الناس والصحف عن بعض التجاوزات لأفراد من الدوريات في بداياتها في توقيف الناس وتفتيش سياراتهم، وكيف تحدث سمو الأمير نايف إلى الناس متوعدا المتجاوزين وكيف إتخذ إجراءات المراقبة والمحاسبة التي أعادت الأمور إلى نصابها وجعلت الناس تطمئن إلى رجل الأمن وتثق به، هذا هو موقف رجل الدولة الواعي لأسس وضوابط العلاقة بين المجتمع والأجهزة الحكومية.وهذا هو ما أحدث الفارق في مشاعر أي منا عندما يقف بسيارته عند إشارة المرور ويلحظ بجواره جيب الدوريات، وبين مشاعره عندما يلحظ بجانبه جمس الهيئة !4- حماية الجهاز مقابل حماية المجتمع:لنقارن موقف الأمير نايف وانحيازه لصوت الناس واحترامه للوعي المجتمعي بمواقف مسئولي الهيئة في مسارعتهم لتبرير تجاوزات منسوبيهم والإلتفاف على الحقائق والوقائع وإطلاق التهم الجاهزة على منتقديهم بأنهم من أصحاب السوابق وممن يحاربون الفضيلة وتطبيق الشريعة أو ممن " تلبسهم الشيطان " كما قال أحد المدافعين عنهم، لندرك أسباب العداء والتنافر بين الهيئة والمجتمع،في موقف الأمير نايف تجاه تجاوزات رجال الأمن نجد منطق وموقف رجل الدولة، حيث حماية المجتمع هي الأهم وهي الغاية، ولنقارن ذلك بمواقف مسؤولي الهيئة تجاه تجاوزات منسوبيهم حيث حماية الجهاز ومنسوبيه هي الأهم، وهو منطق وموقف أشبه ما يكون بمواقف المؤدلجين والمسؤولين الحزبيين، وهو ما يحدث الفرق بين جهاز الدولة والجهاز الحزبي.
منتدياتنا الشبكة الليبرالية السعودية - العضو زوربا

No comments: