Friday, June 15, 2007

هيئة الأمر بالمعروف... كمان وكمان




حسين أنور السنان * - 4 / 1 / 2006م

ابتدأ موسم الحج هذه الأيام وكان أول خبر يصلنا من هناك اعتقال السيد الفالي على اثر ملاسنة حادة وقعت بينه وبين رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما هو مذكور في الخبر بسبب سجوده على التربة داخل الروضة الشريفة في الحرم النبوي, ولا أظن أن هذا بالشيء الغريب أو الغير متوقع فإذ لم يزعج رجال الهيئة زوار الرسول وحجاج بيت الله فماذا يفعلون إذاً؟!

لأن كل المسلمين في العالم باستثنائهم طبعاً إما مشركين أو أهل بدع أو جهله لا يعرفون العقيدة الصحيحة! وهم فقط الموكلين بهداية البشرية جمعاء! سوف لن تكون هذه القصة الأخيرة من هذا النوع من المضايقات التي تصدر من رجال الهيئة بحق الزوار أو المواطنين في جميع أنحاء المملكة،فلقد سبقتها الكثير من الحكايات والحوادث.

ولمن لا يعلم أقول أن الهيئة لا تحارب الشيعة جهاراً فقط بل تحارب وتردع كل الشعب وكل كائن بشري يمشي في شوارع السعودية!

فما من أحد على غير شاكلتهم إلا ويخجل عندما تذكر المواقف التي يتناقلها الناس كنوع من النكات أو «صدق أو لا تصدق» عن أبطال الهيئة! والقصص كثيرة جداً ومتداولة في منتديات النكت والطرائف لمن يرغب بالإطلاع.

وهذا مؤسف بطبيعة الحال أن يتحول رجل الدين إلى كاراكاتير يضحك الناس، لأن هذا الشيء لا يسيء للشخص نفسه ولكن يسيء للمنهج الذي يتبعه ولبلده.

ويظل موسم الحج المفضل لديهم لمزاولة «الأمر بالمعروف» بأقوى أدوات تغير المنكر «باليد»!

مللنا هذه التصرفات وبالمقابل ملت الهيئة من تذمرنا، وكنوع من التجديد في التنظير وكمحاولة استقراء الواقع أقول أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي التنظيم المعارض الرسمي الوحيد في البلد!

نعم فالكل يرى كيف أن الهيئة تضرب بعرض وطول الحائط كل المساعي الرسمية للتقريب بين أبناء هذا الشعب، وكيف أنها لا تلتزم بالرسائل الموجهة والصريحة من أعلى قيادات البلد بدأً بالملك وانتهاءً بالأعضاء المشاركين في ملتقيات الحوار الوطني! بزرع روح قبول الآخر والأخوة والتضامن والتعايش وغير ذلك مما يضمن وحدة الصف.

وهذا يتسبب بعدم تعويل المواطنين على هذه اللقاءات والمبادرات طالما أنها تنتهي بانتهاء المؤتمرات التي تعقد فيها، ولا يظهر أثرها على أرض الواقع، وهذا ما لا يرجوه كل مواطن غيور ومسئول جاد بخدمة هذا الوطن.

إن المظلة الرسمية التي تستظل بها الهيئة كجهاز حكومي لديه الكثير من الصلاحيات قد يساء استخدامها من قبل بعض منسوبيها ولا أقول جميعهم تجعل عملية محاسبة الخاطئين منهم أو حتى انتقادهم عملية بالغة الصعوبة والتعقيد، فكيف لنا أن نحاسب الحاكم والحكم في آن واحد؟ وكيف لنا أن نتهم حماة التوحيد بالخطأ أو التعدي؟

ثم بأي قاعدة إلزامية يمكننا مقاضاة المخطئين منهم هذا إذا صح أساسا تسميتهم مخطئين، لأننا لا نستطيع إطلاق مصطلح مخطئين إلا إذا عرفنا القواعد والمنهج والقانون الذي يلتزمون به «ألزموا الناس بما ألزموا به أنفسهم» فهل يوجد لديهم لوائح ونظام معتمد من قبل مجلس الوزراء أو مجلس الشورى يعملون على أساسه ويلتزمون به؟

وعلى فرض أن هناك نظام معتمد، هل يوجد ضمن بنوده ما ينص على منع أتباع المذاهب الأخرى من التعبد وفق فقههم؟

هنا يمكن حصر المشكلة والتفكير بالحل فإما أنه لا يوجد لديهم نظام يتضمن بنود عملهم بشكل دقيق وعلى شكل لوائح قانونية تتضمن الوصف المفصل لبنودها ملحق بها نظام الجزاءات أيضاً، أو أنهم بالفعل يوجد لديهم هذا النظام ويتضمن كل ما أسلفت وهم يلتزمون به ويعملون وفقه.

لو أخذنا بالفرضية الأولى وجب القول أن الحل هو سن هذا النظام والقانون بما يتوافق والتوجه العام لسياسة الحكومة التي تصرح علنا بمبادئ الحوار والتعايش بين أفراد الشعب.

إذا أخذنا بالفرضية الثانية والتي استبعدها شخصياً بل أراها مستحيلة، وقعنا في مسألة التناقض وتضارب القوانين عندها يجب التعديل والتصحيح وفق ما يقتضي الإصلاح والتغيير.

المشكلة في الواقع ليست بين سلفي وشيعي وليست بين شرطي وحرامي، فهاهم الإرهابيون الذين يدعون أنهم على نهج السلف الصالح يقتلون مواطنيهم من السلفيين أيضاً ولا يفرقون بين مسلم سلفي أو غيره، المشكلة هي عدم قبول الآخر تماماً حتى إذا علمنا أننا مضطرين بالعيش معه في بلد واحد، إن عملية التصادم الدائم بين الهيئة وأفراد الشعب عملية غير صحية ومضرة جداً لأنها في النهاية سوف تقضي على أحد الطرفين وهذا أمر غير مستحب بين مواطني بلد واحد ومن نواقض التآخي والتعايش لذا وجب على العنصر المعارض دائماً إعادة حساباته قبل أن تدور الدوائر والتي إذا دارت على طرف أخذت معها الطرف الآخر أيضاً، لأن الزلزلة إذا ضربت أرضاً لا تضرب بيتاً دون آخر.

No comments: