Friday, June 15, 2007

آل محمد حسين: هذه معاناتي بين «هيئة» المدينة.. ومحكمة القطيف


إمام حليم عبد الجبار آل محمد حسين

14 / 7 / 2005م

في مكتب «الهيئة» عاملوني كمجرم خارج على القانون والدين فرفضت ذلك.. فأوسعوني ضرباً.
• وفي «هيئة التحقيق» صار المحقق يعنفني هو الآخر بدلا من الاستماع الى دفاعي.
• اتهموني بأربع تهم كان بينها حمل صورة السيد حسن نصر الله «زعيم حزب الله اللبناني».
• يؤلمني القول أن لا قيمة تذكر للواحد منا في هذا المجتمع.

.. وتبدأ القصة الجديدة هذه كما يروي لـ «شبكة راصد الأخبارية» الشاب إمام حليم عبد الجبار آل محمد حسين (30 سنة) «حي الناصرة - محافظة القطيف» قبل نحو العام عندما كان يقوم بأعمال الزيارة عند الباب الخارجي لمقبرة «البقيع الغرقد» مقابل الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة مساء الأربعاء 12 جمادى الأولى 1425هـ الموافق 30 يونيو 2004م قائلاً « كنت أقوم بأعمال الزيارة والدعاء عند البقيع برفقة أخي الأصغر جهاد (15 سنة) وابن خالتي علي المرهون (14 سنة) بعد أذان العشاء حين جاءني «مطوع» كان يمر بصوبي إلى جانبه فتى صغير وأمرني بالصلاة جماعة، وكنت في ذلك الوقت قد أديت الصلاة بالفعل، فأجبته بهدوء بكلمة إنشاء الله حتى يذهب عني، لكنه أصر علي أن أذهب للصلاة فلما رأيت إصراره قلت له بأني أديت صلاتي المغرب والعشاء جمعاً، عندها طلب مني مباشرة إثبات الشخصية فرفضت التجاوب معه لأنه لا يحمل أي صفة رسمية، فطلب مني مرافقته إلى مكتب «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، ولكن لذات السبب السابق تحفظت على الذهاب معه فما كان منه واثنان آخران إلا أن سحبوني معهم بالقوة لمكتب الهيئة..».

يتعرض الزوار الشيعة في المدينة المنورة الى مضايقات متكررة من قبل الشرطة الدينية السعودية «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»ويضيف معلم التربية الفنية بمدرسة بيت المقدس التابعة لإسكان الجش بالقطيف القول «أول ما لفت نظري في مكتب الهيئة «التابع للحرم النبوي الشريف» أن هناك مجموعة من الشباب الشيعة موقوفين أيضاً، وعند حضوري كانت قد أخذت عليهم التعهدات الخطية وسجلت ديانتهم ضمن سجل الموقوفين بكلمة رافضي..»، ويمضي آل محمد حسين بالقول «.. هنا صاروا يعاملونني وكأنني مجرم خارج على القانون والدين فرفضت هذا التعامل وهممت بالخروج من مكتبهم احتجاجاً على سوء المعاملة، لكني فوجئت بخمسة منهم ينهالون علي بالضرب المبرح صفعاً بالأيدي وركلاً بالأرجل فأصبت بعدة كدمات في جسمي حتى كدت أفقد وعيي تحت أقدامهم..».

ويشير الأستاذ إمام «بعد أن استجمعت بعض قواي أعطوني ورقة وطلبوا مني كتابة ما حدث منذ توقيفي لديهم ذلك المساء، فصرت أكتب ما حدث بالضبط لكنهم كانوا يجبرونني على شطب ما لا يعجبهم ووضع الكلام الذي يريدونه هم محددين التهم التي لفقوها لي بالآتي:

• قراءة أدعية شركية.
• عدم الصلاة جماعة ما يعني حسب قولهم تكفير المسلمين وإثارة الفتنة.
• مقاومة رجال الهيئة.
• حمل صورة السيد حسن نصر الله «زعيم حزب الله اللبناني» والتي في محفظة نقودي.

واستمر الوضع على ما هو عليه حتى الساعة الحادية عشر والنصف من نفس المساء..».

بعد ذلك تم تحويلي على قسم الشرطة التابع للحرم النبوي الشريف كما يضيف آل محمد حسين «حُولت بعدها على قسم الشرطة التابع للحرم، لأفاجأ أيضاً بأن الضابط المناوب يتوعدني ويتهددني هو الآخر ما أن فرغ من خطاب الهيئة المتعلق بمشكلتي.. مخاطباً من أحضرني من «الهيئة» بالقول «خلوه عندي أوريكم فيه..».

ويكمل الأستاذ إمام روايته لـ«شبكة راصد الأخبارية» لافتا ً إلى أنه واجه معاملة سيئة في مركز الشرطة بالقول «بدا واضحاً أن الضابط المناوب مقتنع بكل ما قيل بحقي في خطاب الهيئة ولذلك صار يعنفني ويتعامل معي كخارج على القانون والدين..».

زوار شيعة في زيارة مقبرة البقيع الغرقد حيث يسمح بالدخول في أوقات محددة..«في ذلك الوقت بدت عليّ الإعياء الشديد جرّاء الاعتداء عليّ بالضرب المبرح»، ويضيف السيد إمام أيضاً «تم تحويلي حينها على مستشفى الأنصار بالمدينة المنورة «ضربة الشمس سابقاً» وأخذوا علي أشعة X ليتبين بأن لدي رضوض في منطقة الصدر، ثم أعادوني مباشرة الى قسم الشرطة نفسه بعد أن أعطوني حبة دواء مهدئة دون أي علاجات آخرى..».

ويواصل آل محمد حسين روايته بالقول «بعد عودتنا من المستشفى بقيت موقوفاً بشرطة الحرم حتى الساعة الثالثة بعد منتصف ليل الخميس «13 جمادى الأولى 1425هـ - 1 يوليو 2004»، الى أن طُلب مني حينها الإتصال بمن يأتي لكفالتي حتى أخرج من التوقيف، وهذا ما حصل بالفعل حيث اتصلت بأحد الزوار من أبناء المنطقة المتواجدين بالمدينة المنورة وحضر لكفالتي وخرجت.. إلا أنهم طلبوا مني في نفس الوقت مراجعة «هيئة التحقيق والإدعاء العام» في السبت التالي «15 جمادى الأولى 1425هـ - 3 يوليو 2004» لإكمال اللازم وإغلاق ملف القضية على حد قولهم..».

دخلت حينها في عملية البحث عن واسطة لعلي أتخلص مما أنا فيه يقول الأستاذ إمام، مضيفاً «لم أراجع هيئة التحقيق والإدعاء العام في الموعد المحدد يوم السبت، وذلك بحثاً مني عن واسطة هنا أو هناك..».

ويشير إمام بالقول «راجعتهم بدلا عن ذلك يوم الاثنين «17 جمادى الأولى 1425هـ - 5 يوليو 2004» برفقة أحد الأصدقاء من أهالي المدينة المنورة لعل وعسى نستطيع لملمة المشكلة، فأدخلوني في هيئة التحقيق والادعاء العام على المحقق حمدان المرعشي، الذي طلب مني فوراً إحضار من كان معي لحظة بدء الحادثة أمام باب البقيع وهما أخي الأصغر جهاد وابن خالتي علي المرهون، وذلك حتى يتم إغلاق ملف القضية على حد قوله، وقد اكتفى بهذا الكلام دون أي شيء آخر..».

ويستطرد الأستاذ امام «حضرت في اليوم التالي الثلاثاء «18 جمادى الأولى 1425هـ - 6 يوليو 2004» برفقة الأولاد، ولاحظت بأن المحقق لم يلتفت لهم وكأنه لم يطلب حضورهم أصلاً، واتجه في المقابل نحو كيل الاتهامات اليّ معدداً التهم الواردة في ملف القضية، وبدلا من الاستماع إلى دفاعي صار هو الآخر يعنفني ويمارس عليّ الوعظ بأسلوب توبيخي جاف، وفي الأخير سمح لي بالمغادرة قائلاً ان القضية انتهت.. وقد غادرت المدينة المنورة من فوري متجهاً إلى القطيف».

وبهذا انتهى الفصل الأول من المعاناة كما يقول الأستاذ إمام ظنّاً منه أن المشكلة انتهت عند هذه النقطة، بيد أن ما حصل في الأيام القليلة التالية من رجوعه إلى مسقط رأسه في محافظة القطيف أظهر خلاف ذلك كلياً، كما يقول إمام في شرح معاناته « في الأسبوع التالي من وصولي من المدينة تلقيت اتصالا هاتفياً من إدارة البحث الجنائي بالقطيف يطلب مني مراجعتهم وقد فعلت ذلك مساء الأربعاء«26 جمادى الأولى 1425هـ - 14 يوليو 2004»، هناك أخبروني بأن هناك إجراءات يجب أن تستكمل وأن علي مراجعتهم مرة أخرى يوم السبت التالي وخرجت من عندهم ذلك المساء بكفالة..».

في صباح السبت«29 جمادى الأولى 1425هـ - 17 يوليو 2004» كان إمام حاضراً في إدارة البحث الجنائي بالقطيف كما يشير «بقيت منتظراً عندهم بدءاً من الثامنة صباحاً وحتى فترة ما بعد الظهيرة أُنقل من مكتب الى مكتب دونما أي إجراء، إلى أن أخذوني بعد ذلك إلى «مركز عنك» وهناك أخذوا بصماتي وصوروني على طريقة تصوير المجرمين مع الأسف، ثم أعادوني لمركز شرطة القطيف وخرجت من عندهم بكفالة أيضاً..».

مجمع المحاكم وكتابات العدل بمحافظة القطيفويمضي المعلم آل محمد حسين في شرح معاناته لـ «شبكة راصد الأخبارية» بالقول «بعد عدة أشهر وتحديداً في شهر رمضان المبارك 1425هـ «أكتوبر 2004» تسلمت عبر إدارة المدرسة التي أعمل بها تبليغاً رسمياً من المحكمة يطالبني بمراجعة المحكمة الشرعية بالقطيف في 30 ذي القعدة 1425هـ».

وبالفعل راجعت المحكمة يوم الثلاثاء 30 ذي القعدة 1425هـ «11 يناير 2005» برفقة والدي يقول الأستاذ إمام «.. في المحكمة الشرعية بالقطيف أدخلوني على القاضي عبد الله الناصر الذي أخذ يعيد عليّ التهم «قراءة أدعية شركية، عدم الصلاة جماعة ما يعني تكفير المسلمين وإثارة الفتنة، مقاومة رجال الهيئة، حمل واقتناء صورة السيد حسن نصر الله»، وأنا بدوري نفيت جميع تلك التهم جملة وتفصيلاً، وقلت للقاضي أن الأدعية الشركية المزعومة هي عبارة عن كتاب «آداب الحرمين» وهو كتاب دعاء وزيارة وليس به أي شركيات كما ذُكر، أما حول عدم الصلاة جماعة فقد كان الوقت وقت صلاة العشاء وأنا صليت المغرب والعشاء جمعاً عند أذان المغرب حسب عقيدتي وأنتم تعلمون ذلك، ولم أكن في يوم من الأيام لأكفر مسلماً يشهد الشهادتين، أما مقاومة رجال الهيئة فتلك تهمة باطلة وافتراء فاضح فقد اعتدى علي خمسة أشخاص منهم وأوسعوني ضرباً وبالنهاية أتهم أنا بمقاومتهم!!، أما موضوع صورة السيد حسن نصر الله فأنا لم أسمع يوماً أن اقتناء صورة السيد نصر الله يعدّ تهمة بنظر القانون!! ثم إن الكثيرين يحملون في جيوبهم وعلى ملابسهم صور المغنيات والمغنيين ولاعبي كرة القدم ولم أسمع أن هناك قانونا يجرم هذا الفعل، فلم يعلق القاضي الناصر بشيء سوى أن ضرب لنا موعداً آخر لجلسة قادمة..».

حضرت الموعد الجديد مطلع شهر صفر 1426هـ «مارس 2005» بمفردي يقول إمام، الذي يستمر بالقول «..أعاد عليّ القاضي عبد الله الناصر في هذه الجلسة أيضاً ذات الأسئلة والاتهامات، فما كان مني إلا أن أعدت بدوري ذات الدفوع عن نفسي ونفي هذه الاتهامات الباطلة.. إلا أنه زاد هذه المرة بأن هددني بإرجاع ملف القضية إلى المدينة المنورة لإعادة التحقيق أو أن يتم إحضار المدعين من رجال الهيئة لإثبات الشهادة عليّ هنا بمحكمة القطيف الشرعية، ثم ضرب لي موعداً آخر للجلسة القادمة..».

في الأسبوع الأول من شهر ربيع الأول 1426هـ «أبريل 2005» كان موعد الجلسة الثالثة بمحكمة القطيف يقول المعلم آل محمد حسين، الذي يمضي في شرح معاناته «.. في هذه الجلسة أسمعني القاضي الناصر مجدداً لذات التهم والافتراءات، وزاد على ذلك أن بدأ يجادلني هذه المرة حول كتاب «آداب الحرمين» الخاص بأعمال الدعاء والزيارة في مكة والمدينة وهوا لكتاب الذي كان بحوزتي وقت القبض عليّ، قائلاً أن هذا الكتاب ممنوع حسب القانون، فأجبته بأن الكتاب يباع في السوق ويوزع على نطاق واسع في حملات الحج والعمرة، وحتى لو كان الكتاب ممنوعا فذلك من اختصاص وزارة الإعلام وليس المحكمة الشرعية!! ولم يحدد موعداً لأي جلسة أخرى بخلاف المرات السابقة..».

ويضيف الأستاذ إمام «بعد هذه الجلسة الأخيرة بشهر واحد جاءني اتصال هاتفي من إدارة البحث الجنائي بالقطيف يطالبني بمراجعتهم، هناك في إدارة البحث سلموني موعداً جديداً لمراجعة المحكمة الشرعية بالقطيف في 13 جمادى 1426هـ «20 يونيو 2005»، وقد راجعت المحكمة بالفعل في ذات التاريخ لحضور الجلسة، فأعاد عليّ القاضي ذات التهم والافتراءات في جلسة لم تدم سوى دقائق معدودة، وطلب مني المغادرة دون أن يحدد أي موعد قادم.. وكانت جلسة المحكمة هذه الأخيرة حتى تأريخه».

مركز شرطة محافظة القطيفوضمن سلسلة الجهود التي قام بها يستطرد المعلم إمام بالقول «لم يبق باب لم أطرقه في سبيل التخلص من هذه المشكلة، فقد خاطبت وزارة الداخلية وإمارة الشرقية، وخاطبت أيضاً محافظة القطيف وقابلت المحافظ نفسه، والتقيت بمدير شرطة القطيف، ومدعي عام المحكمة الشرعية بالقطيف، وفكرت في توكيل محامي للدفاع عني لولا أن عرفت بعد السؤال أن هذا النوع من القضايا قد يكلفني ما لا طاقة لي به المصاريف المالية، وراجعت أيضاً أبرز العلماء في المنطقة طلباً للمساعدة ولم يقصروا وفعلوا ما بوسعهم، واتضح لي بالنهاية أن جميع خيوط اللعبة تنتهي عند طرف واحد فقط وهو قاضي المحكمة الشرعية ومن خلفه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صاحبة الدعوى..».

ويختتم الأستاذ إمام آل محمد حسين معاناته بالقول «ليس هناك أكثر قسوة من الشعور الدائم بالمهانة والإحباط الذي لا يوصف جرّاء هذه المعاناة التي أعيشها، ومما يزيد في ذلك هو أن الواحد منا معرض في أي وقت لأن يلفّق له من شاء أي تهمة، ثم لا أحد يستطيع في هذا البلد تخليصه مهما فعل، والأكثر مرارة هو الشعور بالعجز عن الحركة بعد أن سدّت جميع الطرق في وجهي.. لأكتشف أن الأمر يعود في نهاية الأمر لجهة واحدة لايهمها مراعاة ظروف أو خصوصيات أو حتى مشاعرنا كبشر. يؤلمني القول أن لا قيمة تذكر للواحد منا في هذا المجتمع..».

ويقول السيد مازن آل محمد حسين شقيق المعلم إمام لـ «شبكة راصد الأخبارية» في معرض تعليقه على وضع أخيه النفسي بالقول «أخي إمام يعاني من حالة نفسية متدهورة بسبب هذه الدوامة التي وجد نفسه وسطها دون ذنب أو جرم ارتكبه..»، ويضيف السيد مازن « منذ بدأت هذه القضية قبل سنة تقريباً وأخي إلى الآن معلّق في الهواء فلا يمكنه السفر ولا يستطيع إكمال إجراءات الخطوبة والزواج، وفي المقابل نلمس في إجراءات المحكمة ما يشبه المماطلة وتمطيط القضية دونما داع..».

وتأتي قضية الأستاذ إمام آل محمد حسين كحلقة من سلسلة مكررة من المضايقات المذهبية التي تقوم بها الشرطة الدينية «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في المدينة المنورة بحق زوار الرسول الأكرم الشيعة منهم على وجه الخصوص، والتي كان آخرها قضية السيد محمد علي الموسى التي وقعت في «29 صفر 1426هـ الموافق 8 أبريل 2005م» والتي اتخذت في جزءها الأول على الأقل نفس تسلسل القضية موضوع الخبر.. في ظل صمت رسمي وتغاض يصل إلى حد التواطؤ كما يصف ذلك ضحايا هذه التجاوزات، ويعزز من ذلك الإعتقاد غياب أي أطر قانونية رسمية تحفظ لأصحاب المذاهب الإسلامية خصوصياتهم وكراماتهم، وتضمن لهم حرية العبادة وفقاً لعقيدتهم الدينية بالخصوص في المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً أمام الجهات المتطرفة لممارسة الانتهاكات الدينية من منطلقات طائفية ومذهبية ضيقة تنتهي في نهاية الأمر الى تكفير قطاع واسع من المسلمين.

No comments: