Friday, June 15, 2007

الهيئة تحتج على قصيدة «غزل»: إلى أي «آفاق» نحن ذاهبون




قينان الغامدي * - « صحيفة الوطن السعودية » - 9 / 10 / 2006م


أتمنى أن تبادر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة وتقطع الطريق على محاولة نادي مكة الأدبي التبرؤ، فتنشر القصيدة أو القصائد الغزلية التي تضمنت وصفاً دقيقاً لجسم المرأة بعد أن تجرأ أحد الشعراء وصدح بها من على منبر النادي مساء الخميس الماضي وفق ما نشرت صحيفة «عكاظ» يوم أول من أمس السبت.

مسؤول في النادي، وهو يحاول تبرير ما حدث من جرم قال إن الشعراء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يبدأون قصائدهم بـ«بانت سعاد فقلبي اليوم متبول»، وهذا المسؤول يقصد كعب بن زهير الذي تغزل بحبيبته ووصف جسدها في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي خلع عليه بردته، لكن هذا المسؤول نسي أن الهيئة لا يمكن ولا يعقل أن تحتج على قصيدة أو قصائد من نوع «بانت سعاد»، ولا من نوع غزل امرئ القيس بـ«فاطم»: إذا ما بكى من خلفها... إلخ.

ولا حتى من نوع ليت هنداً أنجزتنا.... ولا بأمثالها مما كان يصف به عمر بن أبي ربيعة الحاجات المحرمات.. في بطاح مكة والحرم بل ولا يمكن أن تكون مما تمجن به أبونواس وبشار بل وبكل تأكيد أنها ليست شبيهة ولا قريبة من كل ما قاله صاحب «فصلت من جلد النساء عباءتي....» وغيره من رموز الغزل في العصر الحديث.

إن هذه القصيدة أو القصائد الغزلية التي احتجت عليها الهيئة لابد أن تكون أشنع من كل هذا التراث الغزلي بل لابد أيضاً أن تكون أشنع مما قيل ويقال على ألسنة شعراء الشعر الشعبي أو «العامي».

أقول هذا لأنني أعرف أن دواوين شعراء الغزل «الفصيح والعامي» موجودة بغزارة في مكتباتنا التجارية والحكومية والمنزلية، والهيئة لاشك على اطلاع ومعرفة بهذه الدواوين ولم نسمع ولم نقرأ أنها سبق أن احتجت على شعرائها، أو على قصائدهم التي تتغزل وتصف المرأة من رأسها حتى أخمص قدميها على الأقل - أنا شخصياً - لم أطلع على أي احتجاج من الهيئة على«أبونواس» أو «نزار قباني» وقد يكون هذا تقصيراً مني في المتابعة.

المهم أن عدم الاحتجاج هذا يعني أن هذه القصيدة أو القصائد الغزلية التي ألقاها شاعر في نادي مكة تجاوزت كل الأعراف الغزلية والتقاليد الوصفية والتخيلات المباحة والمبالغات الموزونة والتهيؤات العقولة والجنون المقبول.

ولهذا أرجو أن تبادر الهيئة فتنشرها وتفضح الشاعر والنادي والبلد وإذا لم يكن هناك حرج فلا بأس من مطالبة الشاعر بتحديد من هي هذه المرأة التي تخيلها ووصفها بهذه الطريقة الفاضحة عل أهلها يقتصون منه شرعاً.

هذا إن كانت قصيدته المثيرة المستفزة موزونة مقفاة أما إن كانت مما يسمونه الشعر الحر أو قصيدة النثر فلابد من محاكمته مرتين الأولى على جريمته في الوصف الدقيق لجسم المرأة البريئة - يا غافل لك الله - والثانية على العبث بـ«عمود الشعر» فإذا كان هناك من «أخذ راحته» مع الشعر الحديث وظن أن حماة الفضيلة لا علاقة لهم بحماية اللغة وآدابها، فليعلم أنه قد بالغ في الغي وحانت ساعة الحساب.

وقبل أن أنسى. فـ«عكاظ» نشرت خبر احتجاج الهيئة في صفحة «آفاق ثقافية» لذا أرجو من الهيئة حين تتحفنا بالنص «الجريمة» أن تقول لنا نحن في أي «آفاق» نعيش، وإلى أي «آفاق» نحن ذاهبون.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

No comments: